ما هو قطاع المساندة أو الإمداد أو ما يسمى الخدمات اللوجستية؟
عندما نسمع بالخدمات اللوجستية يتبادر إلى ذهن البعض نوع من قطاع الخدمات وفد من الخارج وظهر مع التطورات الجديدة في طبيعة الاقتصاد الحديث المتأثر باستخدام الإنترنت. وبينما تأثر هذا القطاع بلا شك بعصر المعلوماتية فهو في جوهره قديما جدا بقدم ظهور التجارة والحروب منذ بداية التاريخ ففي المختصر هو الإمداد والمساندة للمجتمعات في الحصول على البضائع والغذاء وفي حالات الجيوش الرجال والعتاد والغذاء والطبابة إلخ. فالعرب الأوائل أدركوا أهمية موقعهم الجغرافي بين ثلاثة بحار وثلاث قارات فشقوا طرقا لقوافل التجارة من جنوب الجزيرة العربية لشمالها ومن شرقها لغربها وركبوا البحر مبكرا لربط الهند والصين بالشام ومصر وأوروبا وحموا خطوط الإمداد برا وبحرا.
ما معنى لوجستي؟
يعود ظهور مصلح "لوجيستي" إلى منتصف القرن التاسع عشر عندما ألف الضابط الفرنسي أنتوني أونري جوميني كتابه "ملخص فن الحرب" فأستخدم مصلح logistique)) للتحدث عن تأمين احتياجات الاستلام والحفظ والتخزين والنقل والإمداد للجبهات بالجنود والعتاد. فضل هذا المصطلح يستخدم في الدوائر الحربية ولم يستخدم في قطاع التجارة إلا في أواخر القرن العشرين.
ما هي الخدمات اللوجستية؟
إذا الخدمات اللوجستية هي العمليات الضرورية لمساندة عملية أكبر بأهداف مختلفة وإمدادها بالمتطلبات الضرورية بالطرق المناسبة لتحقيق الغاية المرجوة. فمثلا أي مصنع يحتاج تأمين مواد أولية وربما مواد مصنعة أو شبه مصنعه بكميات محددة على مدى أزمنة محددة بانتظام. وهنا يظهر مصطلح "سلسلة الإمداد" وتستخدم في الحديث عن عمليات الإمداد المتعاقبة حتى المستخدم النهائي. ففي حالة المصنع هي جميع عمليات تأمين احتياجاته من المواد سوى كانت شراء ونقلا وتخزينا لتصنيع المنتج النهائي. طرف آخر يستخدم المنتج النهائي للمصنع فسلسلة الإمداد أطول فهي تستمر من مخزن المصنع وتنقل للتوزيع وربما تخزن مرة أخرى بالقرب من المستخدمين حتى تحمل وتنقل في المشوار الأخير للمستلم النهائي.
الخدمات اللوجستية الصادرة والواردة
ظهرت حساسية الدعم والإمداد وكثر استخدام مصطلح الخدمات اللوجستية بعد أزمة كورونا حيث تأثرت سلاسل الإمداد بالحجر الصحي مما عطل بعض المصانع وسبب في ارتباك في النقل والإنتاج مما نتج عنه شح في المنتجات وارتفاع للأسعار. فاضطراب سلاسل الإمداد سببت فائضا عند البعض ومستودعات مليئة بالمنتجات واختناقات في المواني وشح وعطالة في أماكن أخرى. لذا نستطيع القول إن هناك مرحلتين للإمداد: إمداد وارد وإمداد صادر. الإمداد الوارد هو جميع احتياجات الطرف الواردة له بينما الإمدادات الصادرة هي تخزين ونقل وتوزيع وتوصيل المنتج للمستخدم المستهدف.
مع بروز قطاع التجزئة الإلكترونية مثل نون وأمازون وأي باي وغيرها ظهر فرع من الخدمات اللوجستية كجزء من الترويج للبيع وخدمة العملاء وهي إعادة المنتج للبائع وسميت "الخدمات اللوجستية العكسية" عبر نفس القنوات التي وصلت إليه لكن بشكل عكسي.
.
كما تطورت الخدمات اللوجستية مع انتشار التجارة الإلكترونية لتقصر سلسلة الإمداد للمستهلك النهائي بظهور ما يسمى دروب شيبينغ “ drop shipping ”وهو الاستلام المنتج من المصنع مباشرة عبر شركات التوصيل إلى المستهلك النهائي عبر بائع وسيط لا يملك مخزونا ولا يمر عليه المنتج البتة.
مع تطور القطاع اللوجستي أصبح هناك تخصصات أكثر في سلسلة الإمداد فأصبح من يتخصص في مراحل الإمداد نظرا لما يسمى الاستعانة بمصادر خارجية“ outsourcing ”لتقليل التكاليف وفعالية الإنتاج. فعندما تكون الخدمة على نطاق شامل“ mass scale ”تقل التكلفة. فنجد من يجد استخدام أساطيل نقل خارجية بدل من شراء وتشغيل وصيانة أسطوله الخاص أقل تكلفة وعدم شغله بأمور ليست من صلب نشاطه. آخرون يفضلون استخدام مستودعات خارجية لحفظ وتسليم منتجاتهم وهكذا.
فالعمليات اللوجستية الناجحة يجب أن تكون ليس فقط ذكية في تصميمها لكن دقيقة في تنفيذها. فمثلا جاك ديل المؤسس لشركة Dell أحدث اخترق في عالم الحاسوبين حيث شركتا الآتش بي وكومباك وأي بي إم لها وجود مهيمن في السوق. ديل ابتكر طريقة جديدة في اختراق السوق بابتكار "صنع على الطلب" أو Build to Order حيث صمم في الولايات المتحدة وصنع في آسيا وقلل تكلفة المخزون وآمن سلاسل نقلا وتوزيعا ليكون Dell أرخص من منافسيه.
فسلسلة الإمداد الفعالة تربك المنافسين وتنتج عنها تكاليف أقل وعميل راضي يعود لها مدادا.
الخدمات اللوجستية الصادرة والوارد